بقلم جون باجراتوني
هامبورج تموز/يوليو (د ب أ) - عندما انتقل سبيريدون لويس من أثينا إلى ماراثون في التاسع من نيسان/أبريل عام 1896 ، كان مجرد راعي أغنام فقير من قرية ماروسي القريبة من العاصمة اليونانية أثينا.
ولكن بعد يوم واحد فقط ، أصبح لويس /23 عاما/ البطل الأكبر لأول دورة ألعاب أولمبية في العصر الحديث ، حيث أحرز لقب سباق الماراثون بفارق يزيد على سبع دقائق عن أقرب منافسيه ، ومع هذا اللقب فاز لويس بمكانه الخالد في تاريخ الرياضة العالمية.
وتكتمل أركان أسطورة لويس بعدما تردد أنه شرب كأسا من النبيذ في طريق الماراثون وأن ملك اليونان الملك جورج الأول وولي العهد الأمير كونستانتين رافقاه خلال الأمتار الأخيرة المؤدية لخط النهاية في استاد باناثينايكون بأثينا.
وبخلاف الجوائز الرسمية التي حصل عليها لويس بعد فوزه بالماراثون ، ميدالية فضية وغصن زيتون وشهادة تقدير ، حصل البطل اليوناني على كبش وعربة يجرها حمار ومعاش وقطعة أرض صغيرة تقديرا على عمله البطولي.
وتمتد جذور سباق الماراثون إلى اليونان القديمة ، ولكنه في واقع الأمر لم يكن جزءا أبدا من مسابقات الاولمبياد القديم التي حظر الإمبراطور الروماني تيودوسيوس إقامتها في عام 393 ميلاديا بعدما اعتبرها شيئا وثنيا.
وجاءت فكرة إحياء الألعاب الاولمبية عن طريق البارون الفرنسي بيير دو كوبرتين الذي أصبح لاحقا رئيس اللجنة الاولمبية الدولية في بداية تسعينات القرن التاسع عشر.
وكان من المقرر في البداية أن تجرى دورة الألعاب الاولمبية الأولى بالعصر الحديث عام 1900 في باريس ، ولكن موعدها تقدم إلى 1896 في أثينا بفضل التأييد الكبير الذي قدمته اليونان للأولمبياد (كان موقع إقامة الاولمبياد السابق عند جبل أولمبيا العتيق بعيدا وغير متطور).
ووفرت اللجنة المنظمة لاولمبياد 1896 برئاسة الأمير كونستانتين التمويل اللازم للاولمبياد من خلال بيع طوابع بريد تذكارية وتبرع مالي من رجل أعمال ، مما سمح بتجديد استاد باناثينايكون الذي أصبح أول استاد أولمبي في العصر الحديث.
وفي يوم الاثنين الموافق لعيد الفصح في السادس من نيسان/أبريل من عام 1896 ، أعلن الملك جورج الأول رسميا افتتاح أول دورة ألعاب أولمبية في العصر الحديث شارك فيها 245 لاعبا رياضيا (كلهم من الرجال) من 14 دولة في 43 مسابقة رياضية مختلفة.
وأصبح الأمريكي جيمس كونولي هو أول بطل أولمبي في العصر الحديث بعدما أحرز لقب مسابقة الوثب الثلاثي بعد 1527 عاما من فوز أمير أرمينيا فاراسداتيس بلقب آخر مسابقة أولمبية في العصر القديم عام 369 .
وترك كونولي /27 عاما/ دراسته في جامعة هارفارد من أجل المنافسة في أولمبياد أثينا في ذلك العام ، مما أدى إلى طرده من الجامعة. ولم يعد تأهيله من جديد قبل عام 1949 .
وفاز الأمريكي توماس بيرك بسباقي 100 متر و400 متر عدو ، بينما أحرز الشقيقان الأمريكيان جون وسامر باين المركزين الأول والثاني في مسابقة الرماية بالمسدس.
وكان الألماني كارل شومان هو الرياضي الأكثر نجاحا في أولمبياد 1896 ، حيث فاز بثلاث مسابقات في الجمباز وفاز بلقب مسابقة المصارعة وحل ثالثا في رفع الأثقال ورابعا في رمي الجلة.
وألغيت مسابقة التجديف وسباق اليخوت بسبب سوء الأحوال الجوية ، بينما جرت منافسات السباحة في مياه البحر المتوسط الباردة بمدينة بيريوس.
واستمرت منافسات أول دورة ألعاب أولمبية في العصر الحديث لمدة عشرة أيام ، ومهدت الطريق للنجاح العظيم الذي شهدته الدورات الاولمبية التالية.
وعادت المنافسات الاولمبية إلى العاصمة اليونانية أثينا للمرة الأولى منذ 108 أعوام من خلال الاولمبياد السابق الذي استضافته أثينا في عام 2004 .
وأجري سباق الماراثون بنفس الطريق الذي أجري عليه للمرة الأولى عام 1896 ، وفاز به الإيطالي ستيفانو بالديني بعدما قام قس أيرلندي بدفع متصدر السباق الأصلي البرازيلي فاندرلي ليما بعيدا عن الطريق خلال المراحل النهائية من الماراثون.
وجرت مسابقات رمي الجلة في موقع جبل أولمبيا العتيق ، ودنست بطلة المسابقة على مستوى السيدات إرينا كورجانينكو المكان المقدس عندما اكتشف أن البطلة الروسية الحائزة على الميدالية الذهبية آنذاك تتعاطى مركب البناء العضوي المحظور "ستانوزولول" ، وهو مركب قديم يرجع تاريخه تقريبا إلى نفس تاريخ بداية فرض الحظر على تعاطي مواد وعقاقير طبية محددة.
وتركزت معظم أحداث وأماكن إقامة مسابقات أولمبياد أثينا عام 2004 ، بما في ذلك الاستاد الاولمبي نفسه في ماروسي ، قرية سبيريدون لويس التي أصبحت جزءا من العاصمة أثينا منذ زمن بعيد.