يُباع اليوم الأربعاء 6-8-2008، بمزاد علني في انكلترا، "منشور إرهابي" عمره 61 سنة، كتبه ووزعه يهود في فلسطين قبل أشهر من تأسيس إسرائيل في منتصف أيار 1948 حين كانت فلسطين ما تزال تحت الانتداب البريطاني.
المنشور وزعته منظمة "الإرجون" الارهابية المتطرفة التي كان يتزعمها في أواخر أربعينيات القرن الماضي، مناحيم بيغن، الذي أصبح عام 1977رئيسا لوزراء إسرائيل ونال جائزة نوبل للسلام بعد عامين مناصفة مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات لتوقيعهما اتفاقية كامب ديفيد.
"غادروا فلسطين قبل مواجهة الموت"
يتضمن المنشور تهديداً ووعيداً للجنود البريطانيين، منبهاً أن "عليهم مغادرة أرض فلسطين قبل مواجهة الموت" بحسب المكتوب في المنشور الذي تعرضه للبيع "دار موللوك" للمزادات، متوقعة أن يشتريه أحدهم بسعر قد يتراوح بين 800 و1200 دولار.
وتقول الدار إن المنشور المكتوب بالآلة الكاتبة على ورقة أصبحت باهتة اللون بعامل الزمن لكن كلماتها ما زالت واضحة للقراءة، كان ضمن كتيّب احتوى على مستندات وأوراق، واحتفظ به جندي بريطاني اسمه ريموند سميث كتذكار، قبل أن تقدم قوات الانتداب على اتلاف واحراق كل ما كان لديها عند الانسحاب من فلسطين في العام 1948، حيث بقي المنشور بحوزة سميث الى أن تعرف اليه ريتشارد بروكس، وهو خبير بالنصوص والمنشورات والوثائق، واكتشف أن أهميته في هذا الوقت بالذات تعود الى تضارب الآراء حول الفرق بين الارهابي والمقاوم للاحتلال أو المناضل من أجل الحرية.
المنشور: أول تحريض للعنف اليهودي في فلسطين
وينظر بروكس للمنشور على أنه كان أول "منهج عمل" بامتياز للعنف في فلسطين، ويقول ان منشورات محرضة على العنف سبقته بالتأكيد "لكننا لا نملك سوى منشور منظمة الإرجون كأول المنشورات في الشرق الأوسط" على حد قوله.
ومما ورد من تهديد للجنود البريطانيين في المنشور الذي وزعته "أرغون" في صيف عام 1947 بمدينة حيفا: "معظمكم مر عليه زمن طويل في هذه البلاد، وانكم تعرفون ما هو معنى كلمة ارهابي، بل ان بعضكم قد التقى بهم (الارهابيين) مباشرة، ولا يريد هذا البعض تكرار التجربة مجددا".
ويعيد المنشور الذاكرة الى عمليات ارهابية متنوعة قامت بها "الإرجون" ضد الجنود البريطانيين والمدنيين الفلسطينيين معا، وأعنفها دموية هجوم تفجيري مباغت في 22 يوليو/تموز 1946 واهتزت له مدينة القدس بأكملها.
عملية فندق الملك داود: بهدف التمويه بيغين أمر القائمين بالتنكر بالزي العربي
يومها استهدفت العملية فندق الملك داود في المدينة، وفي التفجير قضى 91 شخصا، بينهم 41 فلسطينيا من المدنيين، وأصيب المئات بالجراح.
وظن البريطانيون في الأيام الأولى أن التفجير كان من اعداد عرب فلسطين، لأن بيغن أعطى أوامره بأن يتنكر القائمين بالعملية بالزي العربي ويخفون متفجراتهم في أوعية الحليب، الا أن الجيش البريطاني اكتشف بسرعة فيما بعد هوية الشخصين اليهوديين اللذين قاما بالتفجير، وكانا من عناصر "الإرجون" الارهابية المتطرفة.
تماما كما اكتشف الخبير بروكس، ولكن بعد 60 سنة، أن أول منشور ارهابي في الأرض التي كانت تفيض لبنا وعسلا كان من عمل اليهود.
الإرجون: بداية الإرهاب في أرض فلسطين |
الإرجون (بالعبرية ארגון)، أو "المنظمة العسكرية القومية" (بالعبربة ארגון צבאי לאומי إرغون تسفائي لئومي) هي تكتّل عسكري إرهابي في الأراضي الفلسطينية في الفترة السّابقة لإعلان دولة إسرائيل. ويُعزى الكثير من مآسى الشعب الفلسطيني لإرهاب منظمة الإرجون فيما يرى الكثير من الإسرائيليين في الإرجون على أنّها منظمة قتالية تنادي بحرّية إسرائيل. كان شعارها يتكون من خريطة فلسطين والاردن وعليها صورة بندقية كتب حولها "راك كاح" اي (هكذا وحسب). نشأة نشأت منظمة الإرجون التي صنفت فيما بعد من قبل السلطات الإنجليزية كمنظمة إرهابية في العام 1931 بتفرعها من الجناح العسكري الصهيوني آنذاك والمعروف بمنظمة الهاجاناه على يد "إبراهام تيهومي". لعل من أهم أسباب إنشقاق الإرجون عن الهاجاناه الصهيونية هو إمتعاض الإرجون من القيود البريطانية المفروضة على الهاجاناه في تعاملها مع الثّوار الفلسطينيين. تلقّت الإرجون دعماً سريّاً من بولندا ابتداءً من العام 1936 وكانت الحكومة البولندية تأمل في تشجيع الهجرة اليهودية البولندية عن طريق هذا الدّعم. تجدر الإشارة إلى ان اليهود كانوا من أفقر طبقات المجتمع البولندي في تلك الفترة وكان من دواعي سرور الحكومة البولندية جلاء هذه الشريحة من المجتمع البولندي إلى فلسطين. تمثّل الدعم البولندي للإرجون على تقديم العتاد والتدريبات العسكرية، وفي العام 1943، تولّى "مناحيم بيغن" (رئيس وزراء إسرائيل سابق) قيادة منظمة الإرجون، وبُعيْد إعلان دولة إسرائيل، حلّت الحكومة الإسرائيلية المؤقّتة آنذاك جميع المنظمات العسكرية لتكوين "جيش الدفاع الإسرائيلي" وكانت الإرجون أحد تلك المنظمات. مناحيم بيغن - صورة في سجن الإنتداب البريطاني جرائم الإرجون 1937 - 1939: هجمات متعددة على العرب الفلسطينيين في حيفا والقدس - 24 قتيل و 39 جريح فلسطيني. 22 يوليو 1946: تفجير فندق الملك داود، معقل القيادة المدنية البريطانية - 91 قتيل. 31 أكتوبر 1946: تفجير سفارة بريطانيا في روما. 29 سبتمبر 1947: تفجير مركز للشرطة في حيفا - 10 قتلى. 29 ديسمبر 1947: إلقاء قنبلة يدوية على مقهى بالقدس - 13 قتيل. 9 ابريل 1948: الإرجون وعصابة شتيرن ترتكب مذبحة دير ياسين - 360 قتيل. |