تعاني الأسر من سلوك أطفالها عند قدوم أيّ ضيف إلى المنزل، حيث تفقد السيطرة على ما يتفوهون به أمام الناس من أمور خاصة وأسرار تضعها في موقف محرج أمام ضيوفها.
وتقول بعض الأمهات إنهن يفضلن استقبال الضيوف في فترة تواجد أطفالهن في المدرسة أو في فترة نومهم، ولكن في الوقت نفسه لا يعتبر هذا هو الحل الأمثل كون الأطفال يكونون مع الأسرة في كثير من الزيارات وما يحصل داخل البيت قد يحصل خارجه عند الأصدقاء أو الأقارب.
ولا تجد الأم وسيلة مجدية للتعامل مع المشكلة لاسيما وأن الطفل في سنواته الأولى يعبر بعفوية ولا يمتلك القدرة على التمييز بين المعلومة الضارة والنافعة، إذ يتصرف من دون أن يدرك حجم الإحراج الذي قد يتسبب به نتيجة معلومة نقلها.
ويعزو أستاذ التربية في الجامعة الأردنية الدكتور توفيق الرقب لجوء الطفل لإفشاء أسرار عائلته من غير قصد لأسباب مختلفة، أبرزها شعوره بالنقص أو رغبته في أن يكون محط الانتباه والإعجاب أو ليحصل على أكبر قدر من العطف والرعاية.
ويرى الدكتور توفيق أن تخلص الطفل من هذه العادة يرتبط بنموه العقلي ووصوله إلى مستوى يميّز فيه بين الحقيقة والخيال.
حيث تؤكد الأبحاث والدراسات التربوية أن الشعور بالانتماء لدى الطفل منذ بداية إدراكه لا يتحقق إلا بإبداء المحبة له وتوفير جو من الإحساس بالأمن والطمأنينة داخل الأسرة، والتي تعتبر الملجأ الأول للطفل في الإجابة عن كل التساؤلات المتبادرة إلى ذهنه، وكذلك إيجاد الحلول لأية مشاكل تواجهه.
ومن جهته، ينصح الرقب الوالدين إذا كانا يعيشان هذه المعاناة أن يعالجا الموقف من دون انزعاج، وتبدأ المعالجة بالبحث عن الأسباب التي تدفع الأطفال لإفشاء أسرار أسرهم.
“ومن ثم نتجنب الظروف التي تشجعهم على المبالغة أو تضطرهم إليها كدفاع عن النفس، إضافة إلى ضرورة توعية الطفل من خلال الحديث معه بسلبيات إفشاء أسرار البيت كأمر غير مستحب”.
ويركز الدكتور الرقب على أن يتم تقديم التوضيحات للطفل عن مدى خصوصية ما يدور في المنزل كأمور لا يجب أن يطلع عليها حتى الأقرباء والأصدقاء، ومع مرور الوقت يدرك الطفل مفهوم خصوصية المنزل.
ويكمن الحل من وجهة نظره في أن يعطى الطفل المزيد من الثناء والتقدير لذاته على أفعاله الايجابية.
ويؤكد علماء النفس أن إفشاء الأسرار المنزلية الخاصة بأفراد الأسرة من قبل الأطفال هو نوع من أنواع العدوان، وينم ذلك بصورة واضحة عن خلل ما في البنية النفسية للطفل، قد تكون مرتبطة بنوع من الحرمان أو الحاجة إلى الدفء أو الحنان أو رغبة في استعطاف المحيطين.
ويقول خبراء تربية الطفل إنه يجب التعامل مع الأمر على أنه عارض، من دون اعتبار ما حدث سبباً في إتعاس الطفل الذي قد لا يكون على علم أو دراية بخطورة أو عاقبة ما فعل، فمن الضروري أن لا يتسبب هذا الموقف في نبذ الطفل أو إطلاق ألفاظ قاسية عليه.
كما يجد أن مكافأة الطفل على حفظه لأسرار منزله يمثل طريقة جيدة لتعديل سلوكه ليستنتج أن التزامه بعدم إفشاء أسرار عائلته هو سلوك مرغوب فيه والالتزام به سبيل من سبل رضا الآخرين عنه.
وينصحون في الوقت نفسه بأخذ الاحتياطات بعدم اطلاع الطفل على ما يمكن وصفه بالأسرار.